ملخص المقال
رعاة البقر الأمريكي عملوا على تكريم البوذيين لمجازرهم بحق مسلمي بورما، كما حدث مع السفاح كريموف ويحدث مع السفاح بشار الأسد.. فما دلالات ذلك؟
في زيارة الرئيس الأوزبكستاني السفاح "إسلام كريموف" إلى أمريكا عام 2002م، التقى بمائتي شخصية يهودية في فندق "بلازا" بنيويورك، ومُنح من معهد "بئر هاغولاه" اليهودي جائزة "الشخصية الحكومية على النطاق الدولي"؛ تقديرًا لجهوده التي بذلها في القضاء على الوجود إسلامي في بلاده!!
وبعد هذه الزيارة عاد محملاً بالأوسمة والميداليات، وأعلن حقيقة "رعاة البقر" ومزاعمهم في الحرية، أمام برلمان بلاده، بقوله: "اعلموا أن ورائي أمريكا وبوش، فهم الذين يطالبون بهذه المذابح.. لو كان الأمريكان ضد هذه المذابح لما قدّموا لنا هذه المساعدات المالية السنوية، ها هم قد خصصوا لنا مساعدة مالية جديدة قبل أيام قليلة لمكافحة ومحاربة المخدرات والإرهاب"، مضيفًا: "تذكروا دائمًا أنني حينما كنت في رحلتي إلى أمريكا قدّم لي الأمريكيون اليهود جائزة "الميدال" مقابل خدماتي وتضحياتي من أجل شعبي ووطني، وهذه الجائزة إنما أعطوني إياها من أجل تصفيتي وسحقي لأصحاب اللحى"!!
وعندما قام الشعب التركماني عليه عام 2005م في مظاهرات كبيرة شهدتها البلاد، أقدم وبكل برودة على إخماد هذه الثورات، وبكل أنواع الأسلحة، وقتل أكثر من خمسة آلاف مسلم، وسط تكتيم إعلامي، ومنع جميع وسائل الإعلام العالمية من نقل تلك الأحداث! وإلى اليوم ما زال الدكتاتور كريموف يواصل مجازره وإبادته لأحفاد "البخاري ومسلم"، تحت جناح ديمقراطية رعاة البقر، ومظلة المنظومة الإرهابية.
واليوم جرائم رعاة البقر تتكرر بنفس الطريقة، ودعمها للإرهابيين ما يزال متواصلاً، حيث شهدت بورما المعروفة بجمهورية "ميانمار" مجازر إبادة بحق المسلمين من قبل حكامها "البوذ"، أقدموا من خلالها على حرق الناس وهم أحياء، وتهجيرهم من أراضيهم إلى خارج بورما، في جرائم تقشعر الأبدان لهولها، وسط تكتم إعلامي مقصود من جميع وسائل الإعلام والقنوات الفضائية.
وقد وصفت الطالبة البورمية "عائشة صلحي" التي تدرس الشريعة في مصر تعرض المسلمات في بورما إلى الاغتصاب، وتخيرهنّ بين شرب الخمر وأكل لحم الخنزير أو القتل، بقولها: "أين المسلمون؟! فأهلي يُقتلون؟ فلماذا الصمت إذن؟ ولكن يكفينا فخرًا أننا نموت شهداء، وسيكتب التاريخ الإسلامي أن الموت أسهل عند شعب بورما من ارتكاب المعاصي"، وتضيف: "عشرة ملايين من المسلمين في بورما وكأنهم "وباء" لا بد من القضاء عليه، فما من قرية فيها مسلمون إلا وتمت إبادة المسلمين فيها، حتى يسارع النظام العسكري الحاكم بوضع لوحات على بوابات هذه القرى، تشير إلى أن هذه القرية أو تلك خالية من المسلمين!".
ولكن رعاة البقر الأمريكي عملوا على تكريم الإرهابيين (البوذيين) نتيجة لمجازرهم المرتكبة بحق مسلمي بورما، وإعادة السفراء بين البلدين بعد قطيعة استمرت أكثر من عشرين سنة، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي "أوباما" يوم الأربعاء 11 يوليو/تموز الحالي عن تخفيف العقوبات المفروضة على جمهورية "ميانمار"؛ نتيجة للتقدم الذي أحرزه رئيسها "ثين سين" في مجال الديمقراطية!! وتأكيده بأن الرئيس سين والمعارضة "أونغ سان سو تشي" وأبناء هذا البلد يحرزون تقدمًا كبيرًا في مجال الديمقراطية، الأمر الذي سيسمح للشركات الأمريكية بالقيام بأعمالها بطريقة مسئولة في البلاد.
ثم عادت وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" للاجتماع بالرئيس سين يوم الجمعة 13 يوليو/تموز في كمبوديا على هامش اجتماع لرجال أعمال أمريكيين، وعقدت شركة "جنرال إليكتريك" صفقة معدات طبية مع مستشفيين في بورما يوم السبت 14 يوليو/تموز، لتصبح أول شركة أمريكية تستأنف نشاطاتها منذ بدء سريان قرار أوباما القاضي بتخفيف الضغوطات عن بورما، بعد إحراز الرئيس سين تقدمًا كبيرًا باتجاه الديمقراطية، على حد زعم راعي البقر "أوباما"!!
مما دفع الرئيس سين ورغم حالة الغضب التي انتابت العالم الإسلامي بعد نشر صور القتل والتعذيب والحرق للمسلمين في بلاده، إلى التبجح بكل وقاحة بأن الحل الوحيد المتاح لأفراد أقلية "الروهينجيا" المسلمة تجميعهم في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد، لا لشيء إلا لأن "الكوبوي" الأمريكي يشجعه على مواصلة جرائمه!
بينما تحتج المنظومة الإرهابية بهذه الذريعة وتعلن تخوفها من إبادة الأقلية العلوية التي تَذبح الشعب السوري، وتقيم الدنيا ولا تقعدها! حتى دفعت المعارضة السورية الهزيلة إلى استصدار وثيقة وقعتها في مؤتمر القاهرة الأخير تضمن عدم التعرض لهذه الطائفة المجرمة ومن يساندها، بينما هي لا تأبه للأقلية المسلمة التي تُباد في بورما! أي أن دافع الخوف هو المصلحة وليس الإنسانية ولا حتى الحيوانية!! في الوقت الذي كان ينبغي فيه على المعارضة السورية والجيش الحر أن يوجهوا إنذارًا نهائيًّا محددًا لهذه الأقلية القاتلة، وبعدها يتم إيقافها وإيقاف كل من يساندها عند حدّه، والرد عليهم بالمثل.
ولكنها عندما لم تجد من يوقفها عند حدها، وأعطيت المهل لها واحدة تلو الأخرى من قبل المنظومة الإرهابية، شجّعها هذا إلى ارتكاب عشرات المجازر خلال مهلة المجرم عنان، بالإضافة إلى العشرات قبلها، والتي كان آخرها المجزرة البشعة التي ارتكبتها في حي "التريمسة" في حماة صباح يوم الجمعة 13 يوليو/تموز، وذهب ضحيتها أكثر من ثلاثمائة شهيد ومئات الجرحى، دون أن تقدم المنظومة الإرهابية على أي عمل من شأنه أن يوقف حرب الإبادة الحاصلة في سوريا وبورما، بل باركت محاكم التفتيش الماضية على قدم وساق، وكرمت الإرهابيين! وهي في طريقها لتمدِّد للمجرم الأسد ثلاثة أشهر إضافية لإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا.
وكأننا نعيش اليوم حروب تطهيرية، على غرار محاكم التفتيش التي قام بها نصارى الأندلس؛ أي حروب صليبية من خلال أيادٍ صُنعت في الغرب، وحظيت بمباركة المنظومة الإرهابية الدولية التي مدت لهم الحبل غاربًا، وتغاضت عن ذبحهم للمسلمين بدون رحمة أو شفقة.
ولذا يجب على الشعوب الإسلامية أن لا تكتفي بالشجب والتنديد، وإنما يجب أن تعمل على التبرؤ من هذه المنظومة الإرهابية، وتعلن النفير العام للدفاع عن إخوتهم المسلمين في سوريا وبورما، كما دعت إليه جماعة الإخوان في الأردن، وكما أعلن عنه الشيخ "أحمد الأسير" من لبنان بدعوته إلى إسقاط الأسد، وأن تتحول هذه الدعوات إلى "أفعال"، لا أن نكتفي بمجرد الأقوال ثم نصمت بعدها، وإخوتنا يبادون دون شفقة أو رحمة؛ كي لا يصبح حالنا كحال أبي عبد الله الصغير آخر ملوك الطوائف في الأندلس، حيث لم يفِده البكاء وتَرَك مسلمي الأندلس لمصيرهم البشع هاربًا بسفينة إلى المغرب العربي.
هي حرب صليبية تشن من جديد على الشعوب الإسلامية، والمجرمون فيها بعضهم أولياء بعض، والله يقول لنا: {وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]، {وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73].
فهل نحن فاعلون؟!!
التعليقات
إرسال تعليقك