جروح نازفة
جروح نازفة
باتت الأمة ممزقة، وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، وتناحرت في ما بينها وتنازعت، فصارت الجروح شتى في البلاد، والنزيف يتزايد بين العباد، وهذه بوابة تهتم بملفات المسلمين والبلاد الإسلامية في العالم، التي تنزف الجراح من احتلال المعتدين، أو خلافات المتناحرين، حروب وانقسامات، وتدمير وإرهاب.. كل ذلك في جروح نازفة.
ملخص المقال
إطلاق الأسرى.. ووهم السلام مع الصهاينة مقال يوضح حقيقة الاستيطان وتهويد القدس والاعتداءات على الأقصى وقضايا المعتقلين، في ضوء إطلاق الأسرى قبل مفاوضات
أطلقت دولة الكيان الصهيوني فجر الثلاثاء 29 من أكتوبر سراح 26 أسيرًا فلسطينيًّا، قضوا بالسجن مددًا تتراوح بين 20 و33 عامًا، ضمن مجموعة من 104 أسرى تم الاتفاق على إطلاق سراحهم قبل استئناف مفاوضات السلام مع الصهاينة في 30 يوليو 2013م.
دولة الكيان أثارت ضجة كبيرة بإطلاق هذه المجموعة ضمن عدة دفعات، وفي كل مرة يتم فيها إطلاق معتقلين فلسطينيين، تبدأ مسرحية احتجاجات أمام وسائل الإعلام العالمية، لتبدو وكأنها تقدِّم تنازلاً كبيرًا، علمًا بأن المستوطنين والقتلة الصهاينة الذين لطخت أياديهم بدماء الفلسطينيين يتمتعون بالحرية، وبعضهم بالأوسمة.
هذه المجموعة من الأسرى كان من المفترض إطلاق سراحهم مع بدء تطبيق اتفاقية أوسلو عام 1993، وعدم الانتظار كل هذه السنوات، وهو ما نرجو أن يتم التفاهم عليه في المفاوضات الجارية كأحد البنود الأساسية في أي اتفاق سلام، فما زال في السجون الصهيونية أكثر من 4660 أسيرًا وأسيرة، بينهم 31 أسيرًا عربيًّا، والمئات منهم (1500) يعانون من الأمراض، بينهم 12 شخصًا حالاتهم خطيرة نتيجة ظروف الاعتقال، وما يتعرضون له من تعذيب.
أحد هؤلاء المرضى الأسير ثائر حلاحلة الذي وجه نداء استغاثة من خلال محاميه؛ قال فيه: "مطلبي حبة دواء، ولا أطالب بالإفراج عني". وحسب تقرير لنادي الأسير الفلسطيني فقد أصيب حلاحلة بفيروس التهاب الكبد الوبائي، نتيجة استخدام أطباء السجن لأدوات ملوثة خلال تقديم علاج للأسنان، وهو يعاني من آلام المرض، ومحروم من العلاج.
مسرحية الاحتجاجات الصهيونية تتخطى الأسرى إلى جثامين الشهداء، حيث شهدت دولة الكيان احتجاجات على قرار الإفراج عن 36 من أصل 288 من جثامين شهداء نفذوا عمليات فدائية، وهي محتجزة منذ سنوات طويلة بمقابر سرية، عرفت بمقابر الأرقام، وإذا كانت الاحتجاجات على إطلاق الأسرى بحجة إمكانية عودتهم للعمل العسكري، فلا نفهم ما هي حجة مواصلة اعتقال الجثامين.
في اليوم نفسه الذي تم فيه إطلاق سراح الأسرى الـ 26، صادقت دولة الكيان على بناء 1500 وحدة سكنية في المستوطنات، كما دفعت بإجراءات التخطيط لألفي وحدة سكنية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، رغم أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كان وعد عشية استئناف المفاوضات، بالحد من الاستيطان لأقصى درجة، وهو ما لم يتم تنفيذه.
وحسب بيان صادر عن منظمة التحرير الفلسطينية فإن الموقف الصهيوني من المفاوضات الجارية اليوم هو الأسوأ منذ 20 عامًا، ويبدو أن دولة الكيان تستغل هذه المفاوضات لكسب الوقت والمماطلة لتوسيع الاستيطان، وفرض وقائع جديدة على الأرض، تنسف هذه المفاوضات وتدمر أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.
فإلى جانب الاستيطان الذي يدمر عملية السلام وسبق أن تسبب بوقف المفاوضات في سبتمبر 2010م، تصعد دولة الكيان الصهيوني إجراءات التهويد، خاصة لمدينة القدس، كما يشهد حرم المسجد الأقصى اعتداءات يومية من اليهود المتشددين؛ مما يثير المخاوف من خطط صهيونية ترمي لفرض تقسيم المسجد زمانيًّا ومكانيًّا بين المسلمين واليهود كأمر واقع، في تكرار لسيناريو تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل عام 1994م، بعد قيام يهودي متطرف بقتل 29 مصليًا أثناء أدائهم صلاة الفجر.
قضايا الاستيطان والمعتقلين، وتهويد القدس والاعتداءات على الأقصى، كلها حقائق يشاهدها ويعيشها الفلسطينيون يوميًّا على الأرض، فهل بعد ذلك من الممكن الوصول وخلال أشهر لاتفاق سلام مع هذه القيادة الصهيونية، يؤدي لعودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967م عاصمتها القدس إلى جانب دولة الكيان الصهيوني، والعيش في أمن واستقرار؟ أم أننا سنواصل العيش بالأوهام؟
المصدر: القدس العربي
التعليقات
إرسال تعليقك